السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الرحيم .
رد من الاخ ابو عبيدة حفظه الله
**********
كثير ما يتشدق اهل البدع بإستحلال التوسل بالذوات إستناداً بحديث الضرير . وكأنهم غفلوا أو تغافلوا عن استقرآء الحديث , وتفهم أحكامة .
ولذلك أحببت أن أعرج لإضاح المغزى من ذلك الحديث .
أسأل الله العلي العظيم أن يوفقني بإيضاح ما غفل عنه عباد القبور .
نص الحديث :
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج4/ص138
17279 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر انا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله ان يعافيني قال ان شئت دعوت لك وان شئت أخرت ذاك فهو خير فقال ادعه فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في
نظرات في حديث الضرير .
أعلم هداك الله أنه اذا كان الثابت توسلهم [ أي الصحابة ] بدعاء النبي حين كان حياً وتوقفهم عن التوسل بدعاء غيره من بعده : فلا يعود ثم حاجة الى تقدير مضاف لأن معنى التوسل والإستشفاع في عرف الصحابة ولسانهم هو التوسل بالدعاء لا بالذات ولا بالجاه , ومن كان عنده ما يثبت توسلهم بالذات فليأتنا به .
*ان النبي هو الذي تعلمنا منه هذه الإضافة حين قال : " إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها : بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم " (رواه البخاري 2896)
وعلمنا أن الدعاء هو المقصود حين قال له " إن شئت دعوت لك " فقال الرجل " بل أدعه " ولكن المصرين على التوسل بالذوات لا يعلمون وإنما يتجاهلون .
وتوسل الأعمى بدعاء النبي هو أمر مشروع لتوافر الأدلة عليه ولا بد من الوقوف في قصة الأعمى على فوائد مهمة :
1-أن الأعمى ذهب الى النبي ليطلب منه الدعاء ولو كان التوسل بالذوات مشروعاً لم يكن ثمة حاجة للذهاب اليه إذا كان يكفيه أن يتوسل به من غير أن يذهب اليه . فيقول " اللهم إني أسالك بنبيك " لكنه ذهب وطلب منه أن يدعوا له .
2-أن النبي وعده بالدعاء له فقال " إن شئت دعوت لك " فألح عليه الأعمى بالدعاء قائلاً " بل أدعه " وهذا وعد من الرسول بالدعاء للأعمى , علقه على مشيئته , وقد شاء الأعمى بقوله " بل أدعه " ويقتضي أنه دعا له , وهو خير من أوفى بما وعد , ويؤكد ذلك أيضاً قول الأعمى في دعائه الذي علمه الرسول أن يدعوا به " اللهم فشفعه في " أي اقبل دعاءه في . والشفاعة معناها دعاء كما قال في لسان العرب " الشفاعة كلام شفيع للملك في حاجة يسألها لغيره . والشافع : الطالب لغيره , يتشفع به الى المطلوب يقال تشفعت بفلان الى فلان " . وبهذا يثبت الأمر كان يدور على دعائه لا ذاته أو جاهه .
3- أن النبي أمره أن يتقرب إلى الله بعدة وسائل منها التوسل إليه بالعمل الصالح وهو " احسان الوضوء " " وإتيان ركعتين " يدعوا اللله عقبهما أن يستجيب دعاءه في أن يقبل دعاء النبي له وهذا هو معنى قوله " وشفعني فيه " أي أدعوك أن تتقبل دعاء النبي لي .
4-وهذه العبارة لا يفقهها المبتدع بل لا يريدون أن يفقهوها لأنها تنسف بنيانهم من القواعد وتكشف وتكشف أن التوسل كان بدعاء النبي وبالعمل الصالح لا بذات النبي فإن شفاعة النبي للأعمى مفهومه عندهم ولكن معنى شفاعة الأعمى لنبي كما قال " وشفعني فيه " ؟ علماً بأن معنى الشفاعة في اللغة : الدعاء . إن معناها " اللهم اقبل دعائي في استجابة دعاء نبيك لي . ولا يمكن لأحد بعد موت الرسول أن يقول : "ة اللهم اقبل شفاعته في " فهذا مذهب باطل لا يزعم أحد أن دعاء النبي حصل له وهو في قبره .
5-فاللغة والشرع يشهدان بصحة ذلك . ولكن ماذا نفعل في أناس تجنوا على اللغة والشرع ؟
ولنتأمل هذين الحديثين فعن أنس وعائشة عن النبي قال : " ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه " وفي رواية ابن عباس " ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه " فمعنى شفعهم اللله فيه أي قبل دعاءهم له . فيصير معنى " شفعني فيه " أي اقبل دعائي بأن تستجيب دعاءه .
6- أن علماء الحديث كالبيهقي ذكروا هذه الحادثة ضمن معجزات الرسول وهو سر في حصول هذه المعجزة التي لم نسمع بعد موته مثلها بين الصحابة ولا بعدهم الى يومنا هذا . السر هو دعاء النبي .
7-أن الصحابة من أصيبوا بالعمى بعد موته كابن عباس وابن عمر , ولم يعهد أنهم استعملوا هذ الدعاء , بل تركوا التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوسلوا بدعاء العباس وغيره . وليس ثمة تفسير لذلك إلا افتقاد شرط دعاء النبي وإلا فجاهه عند الله عظيم حيا أو ميتا . هكذا فهم الصحابة التوسل : تركوا التوسل به اجماعاً كما في قصة عمر يوم أجدبوا وسألوا الله بدعاء عمه العباس . فالثابت المروي عن جماعتهم في ترك التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته أصح سنداً مما نقل نقل عن فعل أحد أفرادهم مما يعارض ذلك .
وكل هذه المعاني التي ذكرت دالة على وجود شفاعة بذلك . وهو دعاؤه عليه السلام له أن يكشف عاهته , وليس ذلك بمحظور , غاية الأمر أنه توسل من غير دعاء بل هو نداء , والدعاء أخص من النداء , إذ هو نداء عبادة شامله للسؤال بما لا يقدر عليه إلا الله تعالى وإنما المحظور السؤال بالذوات لا مطلقاً بل بمعنى أنهم وسائل إلى الله سبحانه بذواتهم , وأما كونهم وسائل بدعائهم فغير محظور , وإذا إعتقد أنهم وسائل إلى الله بذواتهم فسأل منهم الشفاعة للتقريب إليهم فذلك عين ما كان عليه المشركون الأولون ( جلاء العينين 455)